الراوي أنهم ارتدوا وذلك أن الكفرة لا يلزم صلبهم ولا تقطع أيديهم وأرجلهم ولا ينفون، وإن تابوا قبل القدرة بالإسلام سقط عنهم القتل، بخلاف المحارب في ذلك كله. ولعله رآهم قد فعلوا هذا كله فحكم بالردة، لما رأى من قبيح الفعل الذي لا يرضى به مسلم وإنما هو فعل الكفار. فإن قيل فقد قال تعالى: ﴿إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله﴾ وذلك حال الكافرين، فأما المؤمنون فليسوا لله بمحاربين.
فالجواب أن الحرابة تكون بالعقيدة الفاسدة بالكفر، وتكون بالفعل الفاسد بالمعصية، وقد قال الله تعالى في أكلة الربا: ﴿فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله﴾ ومحاربة المربي جائزة إذا فعله وإن لم يعتقد جوازه، وإذا كانوا سملوا أعين الرعاء فيكون سمل أعينهم قصاصا، وكذلك لو كانوا قطعوا ايدي الرعاء وأرجلهم لكان ذلك أيضا قصاصا فيهم، وكذلك تركهم في الحرة حتى ماتوا عطشا مما يجوز أن يكون قصاصا لعلهم فعلوا كذلك بالرعاء، فإن من قتل بالغرق أو بالحرق أو بالعطش قتل بمثله وهي مسألة بديعة في رزمة الجراح قد بيناه في مسائل الخلاف والأحكام: ولهذا متى حارب أحد وفعل من القتل والقطع ما فعل امتثل فيه مثل ذلك وصلب آخرا والله أعلم.
ذكر آيات التخصيص وهي إحدى عشرة آية
الآية الأولى: قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام﴾ الآية قال الشعبي وقتادة: لم تنسخ من المائدة إلا هذه الآية: ﴿لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد﴾ زاد قتادة: كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج تقلد من