من أظهر الإيمان فدام إلى الموت) وأما صبره الذي أمر به على خيانة يهود فكانت إلى حين فأجلى جماعة من المدينة وقتل جماعة ولم يبق حالهم إلى نزول الآيات اللواتي ذكر أشياخنا المتقدمون بل نفذ القتل والجلاء عليهم قبل نزول الآيات بسنوات ولا يصح أن يقال إن فيها نسخا إنما كان القوم أولى عهد فلما نقضوا العهد زال عهدهم. ومثل هذا لا يكون نسخا، وكان النبي ﷺ أمر بالصبر على دفائن خوائن كان بعضهم يأتيها. حتى إذا خفت المعاني الكلية المؤثرة لم يكن صفح، كقتله لابن الأشرف، ولأبي رافع اليهوديين، وحكم على بني النضير بنقض العهد لما هموا بوضع الحجر عليه. وأما من قال إنها نزلت في قوم من اليهود أرادوا الغدر بالنبي عليه السلام فنجاه الله منهم وأمره بالعفو عنهم ما داموا على عهدهم فلم يصح ذلك نقلا ولا معنى، فإنهم إذا غدروا لم يبق لهم عهد فلا يصح أن يقال يعفو عنهم ما داموا في عهدهم.
الآية السابعة: قوله تعالى: ﴿فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم﴾ قال بعضهم قال ابن عباس رضي الله عنه" هذا منسوخ بقوله تعالى: ﴿وأن أحكم بينهم بما أنزل الله﴾ وإنما كان ردهم إلى أهل دينهم في أول الإسلام باتساقهم، وهذا قول مجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وعكرمة، والزهري، وعمر بن عبد العزيز والكوفيين وأحد قولي الشافعي.