يا رسول الله إن الله قد شفى صدري من المشركين، أو نحو هذا – هب لي هذا السيف. فقال: هذه ليست لك ولا لي. فقلت: عسى أن يعطي هذا من لا يبلى بلائي. فجاءني الرسول ﷺ فقال: إنك سألتني وليست لي، وقد صارت لي وهو لك، فنزلت: ﴿يسألونك عن الأنفال﴾ - الآية، رواه الترمذي وصححه وجاء من طرق عديدة.
والصحيح أن هذه الآية ناسخة لما سبق من حكم الله، في تحريم الغنائم على الخلق، فأحلها الله على هذه الأمة لما رأي من ضعفها وعجزها. وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله وغيره: أحلت لي الغنائم. وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ من طرق عديدة، واللفظ للبخاري، قال رسول الله ﷺ غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبنى بها ولما بين بها، ولا أحد بني بيوتا ولما يرفع سقوفها ولا أحد اشترى غنما أو خلفات، وهو ينتظر ولادها. فغزا، فدنا من القرية صلاة العصر أو قريبًا من ذلك، فقال للشمس: إنك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا. فحبست حتى فتح الله عليه فجمع الغنائم فجاءت – يعني النار – لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولا، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده فقال: فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك. فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاؤوا برأس مثل رأس بقرة من الذهب فوضعوها، فجاءت النار فأكلت ثم أحل الله لنا الغنائم، رأي ضعفنا وعجزنا فأحلها لنا، وهذا صحيح لا طعن فيه، وبين لا غبار عليه، وقوله تعالى: ﴿قل الأنفال لله والرسول﴾ هو قوله: ﴿واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول﴾ لأن المعنى: فإن الحكم لله وحده وللرسول يحكم فيه تبارك وتعالى وبحكمه عند الرسول ﷺ بما تبين له.