الحارث قال هذا، فنزلت: ﴿سأل سائل بعذاب واقع. للكافرين﴾ الآية. والأول أصح. ورووا عن ابن عباس أنه قال: معنى الآية (وما كان الله ليعذبهم) يعني جميع الكفار وقد علم أن فيهم من يسلم، وما لهم ألا يعذبهم الله إذا أسلم من يسر له الإسلام، وقيل معناها (وما كان الله ليعذبهم) في الدنيا (وهم يستغفرون) لأنهم كانوا يقولون غفرانك. (وما لهم ألا يعذبهم الله) يعني في الآخرة. وقال الضحاك معناه (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) يعني المسلمين، (وما لهم ألا يعذبهم الله) يعني الكفار، فجعل الضمير لمضمرين مختلفين.
قال القاضي محمد بن العربي:
الذي أوجب هذا الاختلاف في التفسير عدم فهم الآية، ومعناها على التحقيق (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) (بتمنيهم العذاب) كما فعل (في سائر) الأمم قبلهم، مراعاة لك. فإنا أرسلناك رحمة للعالمين. فرفع العذاب عن كفار هذه الأمة في سؤالها إياه لحرمة محمد ﷺ ثم قال: وإذا راعيناهم في حرمتك فإنا نراعيهم في استغفارهم. فإذا استغفروا لم يعذبهم، يريد به الاستغفار الصحيح الصادر عن الاعتقاد الصريح، فإنه الذي ينتفع به المستغفر، أنشدني بعض علمائنا:
أستغفر الله من أستغفر الله | لفظة صدرت خالفت معناها |
وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد | سددت بالذنب عند الله مجراها |