الدنيا والخلود في النار في الآخرة، فإن الكفر هو الستر والتغطية والحجب، والشرك هو التسوية بين الموجودين في المعنى (وإذا كان التشريك) بينهما معدوما فهو جهل. فما قولك فيما إذا كان التشريك بينهما مستحيلا؟ فبين أن ذلك كله يرجع إلى معنى اوحد ويعبر أن بمعنى واحد معا فلا فرق بين قوله: ﴿قاتلوا المشركين﴾ أو قاتلوا الكفار وإنما خصص العرب الكفار بالشرك لأنهم كانوا يقولون في تلبيتهم:
لبيك لا شريك لك... إلا شريكا هو لك
تملكه وما ملك
ولهذا قلنا: (إن المعتزلة) والقدرية كفار، فإنهم يقولون إن العباد شركاء الله يخلقون كما يخلق، إلا أنه يملك خلقهم بخلق القدرة لهم. فهو شركاؤه بما ملكهم وجعل إليهم. وأما القول بأن الآية نسخت مفهوم الخطاب فقد قلنا إن الخطاب لا مفهوم له كما يزعمون فإن قوله تعالى: ﴿وقاتلوا المشركين﴾ ليس مفهومه: لو لم يكن أهل الكتاب مشركين ترك قتالهم، إنما مفهومه السكوت عنهم حتى يطلب دليل للحكم فيهم، فكيف وهم مشركون كما بيناه؟ بل نقول إن قوله تعالى: ﴿وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة﴾ عموم بين في العرب واليهود والنصاري والمجوس والصليبيين وكل جاهل بالله سبحانه، وتقول إن كافة حال من المشركين المفعول من ضمير قاتلوا الفاعل وتقدير الكلام قاتلوا المشركين كلهم كما يقاتلونكم كلهم، لا معنى له غيره. ومعنى قاتلوا المشركين، واقتلوا المشركين، اقتلوا كل كافر كان ذا كتاب او غير ذي كتاب. وقوله تعالى: ﴿من أهل الكتاب﴾ تخصيص لمن أوتى الكتاب بتأكيد الحجة عليه حين رأى ذكر النبي فه، فكان أحق بسرعة الإجابة له وفسح له في أحد الأقوال دون غيره من الكفار بأخذ الجزية منه وتركه في الدار معنا مهلة ما لعله يعود إلى الأولى، ويتذكر


الصفحة التالية
Icon