كافة} وهذا في قوله تعالى: ﴿إلا تنفروا﴾ لا يحسن نسخه، لأنه خبر عن الوعيد، والمعنى: إذا احتيج إليهم نفروا كلهم، فهي محكمة.
قال القاضي محمد بن العربي رحمه الله:
من لم يعلم أصول الدين لم يحكم فروعه، ولا علم تأويل القرآن. فإن علم الأصول معظم فصوله. ومقصوده. والتكليف إنما ينتظم ويرتبط بالوعيد والوعد، ولا يعرف الوجوب بمجرد الأمر فإنه يتناول الفرض والمندوب وإنما يتعرف بالوعيد والتهديد والذم، فقوله تعالى: ﴿إلا تنفروا يعذبكم﴾ أفاد الوجوب والفرضية في قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا ما لك إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض﴾ فإن لم تنفروا يعذبكم عذابا أليما. فحقق الوجوب بالتهديد والذم بذكر التثاقل عن امتثال الأمر وبيع الآخرة بالدنيا. وهذه الأخبار التي وقفت على رسم التكليف مترتبة على التكليف تثبت بثبوته وترتفع بارتفاعه. وهذه الآيات كلها إنما نزلت في غزوة تبوك. دعاهم النبي عليه السلام إلى الخروج على العموم وألزمهم المشي معه وقصد سفرًا بعيدًا وانتخى زمنا شديدًا يعظم فيه القيظ ويشتد العطش ويحلو الظل، ولم يتخلف عنه فيها إلا منافق خلا الثلاثة الذين تيت عليهم حين صدقوا الله في خبرهم ونزلت بعد ذلك: ﴿فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ فقسم في هذه الآية النفير إلى عزو وعلم بعد أن كان خلصه للغزو، وقد كان ذلك رفعا للمتقدم، وبعدها للمحقق أن يقول: إن الإمام إذا دعا جميع الناس عند الحاجة إلى الغزو وجبت إجابته على