وذلك أن المفسرين قالوا: إن المراد بقوله: ﴿كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾. هم أهل الكتاب، وكان من شأن صومهم إذا جاء وقت الفطر فأفطر من أفطر وترك من ترك إذا نام لا يحل له وطء ولا أكل إلى حين الفطر من اليوم الثاني، فكان صوم المسلمين على هذا (السبيل) حتى جاءت هذه الآية فثبت حكم الصوم والفطر في هذه المسألة من قوله تعالى: ﴿من الفجر﴾، وكان سبب ذلك فيما نقلوه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وروي (عن صرمة) بن قيس وهو أصح ــــ نام فاختان نفسه (بعد) النوم ووطئ أهله. فنزلت الرخصة فيهم (والجميع) الآية من أجلهم. والجملة الصحيحة في ذلك ما رواه البخاري وغيرة عن البراء بن عازب، قال: لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء (رمضان) كله وكان رجال يخونون أنفسهم "فأنزل الله تعالى" ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم﴾ الآية. فجاء قول البراء هكذا مطلقا صحيحا وما تقدم تفسير له والله أعلم.
وعلى مساق قول (البراء) المطلق تكون هذه الآية ناسخة للسنة وعلى ما روى المفسرون تكون الآية ناسخة لآية أخرى وهو الصحيح، وفي مضمون الآية ما يدل على ما في السنة من طريق البراء وما روى المفسرون وهو قوله تعالى: ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم﴾، فإخبار الله بالخيانة دليل على ما تقدم من فرض الإمساك عن النساء ليلة الصيام وكذلك قوله: ﴿فالآن باشروهن﴾ دليل عليه