قال القاضي محمد بن العربي:
هذا ليس بأمر بصدقة فيقابل به غيره من أوامر الصدقات والأنفاق، فيقال هو أو غيره، فيكون تأكيدًا في الأول أو نسخا في الثاني أو زيادة فرض على الأول. وإنما هو بيان مصارف الصدقات وذكر مستحقيها الذين يؤخذ لهم وقد فرضت من أجلهم فإن الله تعالى ضمن للخلق الرزق ونعم الوكيل والكفيل وملك بعضهم دون بعض وأحال الفقير على الغني في الذي ضمن له من الرزق، وقدر الأموال في علمه والمحتاجين، ففرض لهم قدر الكفاية ليبلوا الأغنياء في فضلة المال، ويبلو الفقراء في تدبير المأخوذ على الأقوات، فلا الفقير دبر قوته فربما احتاج اكثر، ولا الغني أفضل من فاضلة ماله فيعطي عشره الفقير في ضعف تدبيره واحتياله، وذلك بتدبير العزيز العليم. فاختلف العلماء: إذا عظمت حاجة الفقراء بعد أخذهم الزكاة هل يجب عليهم إغناؤهم وإنفافهم مما في أيديهم من الفضلات ام لا؟ والصحيح أن ذلك واجب عليهم وكانت هذه المسألة في صدر الإسلام فأما اليوم وقد استأثرت الأملاك بالزكوات وبقي المسكين صفر اليدين فواجب على كافة الخلق إغناؤهم من أموالهم. وقد قررت في نفسي بالاجتهاد مما يلزمني من ذلك. فخصصت به معارف هم أقرب صقبا ولو فعل ذلك غيري لم تر في بلدك بائتا لا يملك بيتا ولا عريانا وجاره كاسيا، والله ولي التوفيق.
قال القاضي محمد بن العربي رحمه الله:
أما إنه بقيت في الآية نكتة، وهي أن الله جعل من مصارف الزكوات المؤلفة قلوبهم، وهم في قول، أمة أظهرت الإسلام ولم تعتقده، وأوت إلى النبي عليه السلام


الصفحة التالية
Icon