المعدل: قال لنا الأستاذ الإمام جمال الإسلام أبو القاسم الصوفي: غار على عينه أن يستعملها في النظر إلى المخلوقات وأين هذا من مرتبة موسى عليه السلام حين قال له: ﴿أرني أنظر إليك، قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل﴾ فأباح له النظر إلى الجبل، ومنع محمدًا من النظر إلى المخلوقات.
قال القاضي محمد بن العربي:
عجبا لهذا الإمام مع جلالته في علم الإسلام كيف جازت عليه هذه النكتة أن محمدا وموسى في هذه الأمر سواء؟ نهي محمد عن النظر إلى المخلوقات لذاتها وأمر بالعبرة فيها والاستدلال على الله تعالى بها. وكذلك موسى عليه السلام إنما أحيل على الجبل ليستدل به على ما سأل، وقيل له: فإن استقر مكانه فسوف تراني (والله أعلم).
وهم في تأويل: قوله تعالى: ﴿وقل إني أنا النذير المبين﴾ قال بعضهم نسخها الأمر بالقتال.
قال القاضي ابن العربي رحمه الله:
هذا وهم شنيع، إن النذارة لو نسخت لانتسخت النبوة فإنها خطط لازمة كريمة قائمة ﴿إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا﴾ ولقد أنذر وحذر وبشر (وأوعد ووعد) وتهدد، وأمر بعد ذلك بالقتال والقتل، فبقي ذلك كله موجودا فكان عليه السلام ينذر، ويقتل ويحذر ويبشر ويعد ويوعد ويتهدد، والقتل المفعول المشاهد كان ذلك كله فيه موجودًا وبه مقتضي، والقول نذير، والفعل نذير، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إني أنا النذير العريان) فأخبر أنه نذير بقوله نذير بحاله.
وقال الشاعر:
ونشتم بالأفعال لا بالتكلم