وهذا حديث صحيح. فكان الناس مرخصا لهم في الشراب مالم ينته إلى هذا الحد، وقد قيل لهم ﴿لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى﴾ فروي أن أحدهم كان يصلي العشاء الآخرة ثم يشرب ويقوم فيصلي الفجر ثم يشرب إن شاء بعد صلاة الفجر فيصحو عند صلاة الظهر ثم لا يشرب حتى يصلي العشاء الآخرة. ثم نزل بسعد ابن أبي وقاص ما روى مصعب ابنه عنه قال: "مررت بنفر من المهاجرين والأنصار فقالوا: تعال نطعمك ونسقيك خمرا ـــ وذلك قبل أن تحرم الخمر ــــ فأتيتهم في حش ـــ قال: والحش البستان ــــ فإذا عندهم رأس جزور مشوي و (زق) خمر فأكلنا وشربنا، فذكرت الأنصار فقلت: المهاجرون خير من الأنصار. فاخذ رجل منهم أحد لحيي الرأس فجرح به أنفي. فأتيت رسول الله ﷺ فأخبرته، فنزلت: ﴿يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون﴾. وأما المنافع فكان جواز شربها ـــ (والتجارة) بها قبل نزول هذه الآية. وكان الإثم فيما يحدث عنها أعظم من المنفعة التي تقع، فلما حرمها الله تعالى وأمر باجتنابها سقطت المنفعة بها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الذي حرم شربها حرم ثمنها" وروي عنه ﷺ أنه نهى عن ثمن الخمر ولم يبق بعد قوله تعالى: ﴿فاجتنبوه﴾ فيما منفعة ولا علاقة لذي تعلق في تطبب ولا غيره. لما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: " ليست بدواء ولكنها داء" فليست بدواء ولا غذاء بل تجتنب من كل طريق. وجوز ابن