الله تعالى المراد وأفسد الانتقاد وحسم داء العناد، وأذعنت لذلك قريش وهذا يبطل أن يكون ناسخا من وجهين ظاهرين:
أحدهما: أن الأول عموم والثاني خصوص، والخصوص لا ينسخ العموم وإنما يخصه كما بيناه في غير موضع، الثاني أن هذا ليس بتكليف بحكم ولا بفعل تعلق بأمر ونهي، وإنما هو وعيد ووعد وليس فيها نسخ إلا على الوجه الذي قدرناه من ارتفاع سبب الوعيد ليرتفع الوعيد بارتفاع سببه، وهذا بين لمن تأمله، والله أعلم.
استرسال:
لما كثر القول من المتسورين على علوم القرآن فيها انتهى ذلك بقوم إلى أن يقولوا إنه روي عن النبي ﷺ أنه قال لقريش: عجبت من جهلكم بلغتكم أن حملتكم على كفركم، قال الله: ﴿إنكم وما تعبدون﴾ ولم يقل إنكم ومن تعبدون، لأن ما خطاب لما لا يعقل، ومن خطاب لمن يعقل.
تقييد: هذا خبر موضوع لا أصل له في السقيم فكيف في الصحيح، ولا في الضعيف فضلا عن القوي، ويدفعه القرآن، فإنه لو كان كما وضع هذا الملحد لما افتقرنا إلى الجواب بالآيات الثلاث، ولكان فيما وبخهم به كفاية. وأيضا فإنه كان يجب أن يقال، إن من سبقت لهم منا الحسنى، فتكون الآية مطابقة للحديث، ولكنه جاء بكلمة الذين التي هي معنى كلمة ما فيكون معنى الآية الأولى أنكم والذين تعمدون من دون الله وتكون الآية الثانية تخصيصا صحيحا باللفظ للفظ وبالمعنى للمعنى، ونحن لا نحتاج إلى هذا كله ونعوذ بالله من التكلف للحق فكيف بالتكلف للباطل؟