والإمام مخير في الأسرى بين خمسة أشياء: إما القتل أو المن أو الفداء أو الرق أو إقرارهم على الجزية، وبه قال جماعة، روى ابو حنيفة أن الإمام لا يمن إلا من جهة الآية. ولكن زعم أن في المن إتلاف حق الغانمين. وهذا يبطل بالقتل، فإن له أن يقتل جميعهم وفي ذلك إتلاف حقهم، ويبطل أيضا بما قدمناه من الأدلة والله أعلم.
وآية ثانية: زعم بعضهم فيها زعما ليس بمزعم، قال في قوله تعالى: ﴿ولا يسئلكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم﴾ أن قوله تعالى: ﴿فيحفكم﴾ نسخ قوله: ﴿ولا يسئلكم أموالكم﴾ وسبحان المقدر بسطر مثل هذا الهوس، ولولا أنه دون وقريء وأقريء ما لفتنا إليه قلبا، ومن بلغ بسطر مثل هذا الهوس، ولولا أنه دون وقريء وأقريء ما لفتنا إليه قلبا، ومن بلغ به البله إلى أن يعتقد أن سبب الحكم علة لنسخ الحكم، فأي موضع فيه للكلام؟ إن الله سبحانه أخبر أنه لا يسأل الناس أموالهم التي أنعم بها عليهم، لأنه لو سألها لبخلوا وظهرت بواطنهم وما يكنونه في إيثار المال على الدنيا، والدنيا على الآخرة، وأنه تعالى فرض علهم الأقل وهو الزكاة، فما قام بفرضها إلا الأقل وهم الأولياء، فكيف لو سأل جمعها؟ وإن أول من جاء بجميع ماله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وحقق ذلك وبينه بقوله تعالى: ﴿هأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه، والله الغني وأنتم الفقراء﴾.


الصفحة التالية
Icon