النوع الخامس: تدبره للوقوف على وجوه فصاحته وبلاغته وإعجازه، وصُرُوف خطابه، واستخراج اللطائف اللغوية التي تُسْتَنْبَط من مضامين النص القرآني.
«فإنَّ من لم يتدبَّر ولم يتأمل ولم يساعده التوفيق الإلهي، لم يقف على هذه الأسرار العجيبة المذكورة في هذا القرآن العظيم» (١).
النوع السادس: تدبُّره لتعَرُّفِ ضُروبِ المُحَاجَّة والجدال للمخالفين، وأساليب دعوة الناس على اختلاف أحوالهم، وطُرُق التأثير في المُخاطَبين، وسُبل الإقناع التي تضمنها القرآن الكريم.
النوع السابع: تدبره من أجل الاستغناء به عن غيره؛ سوى السنَّة فإنها شارحة له.
نقل ابن القيم عن الإمام البخاري قوله: «كان الصحابة إذا جلسوا، يتذاكرون كتابَ ربهم وسنَّة نبيهم، ولم يكن بينهم رأي ولا قياس، ولم يكن الأمر بينهم كما هو في المتأخرين: قوم يقرؤون القرآن ولا يفهمونه، وآخرون يتفقهون في كلام غيرهم ويدرسونه، وآخرون يشتغلون في علوم أُخَر، وصَنْعَة اصطلاحية، بل كان القرآن عندهم هو العلمَ الذي يعتنون به حفظًا وفهمًا وتفقهًا» (٢).
وقال ابن تيمية: «وأما في باب فهم القرآن فهو- أي: قارئ القرآن- دائم التفكر في معانيه والتدبر لألفاظه، واستغنائه بمعاني القرآن وحِكَمِه عن غيره من كلام الناس، وإذا سمع شيئًا من كلام الناس وعلومهم عرضه على القرآن؛ فإن شهد له بالتزكية قبله، وإلا ردَّه» اهـ (٣).
_________
(١) تفسير الرازي (٢٦/ ٣٨٩).
(٢) مختصر الصواعق المرسلة ص: ٥٣٦، وعزاه للحاكم، ولعله أبو أحمد الحاكم صاحب الكنى، وترجمة البخاري ليست في المطبوع منها.
(٣) مجموع الفتاوى (١٦/ ٥٠).


الصفحة التالية
Icon