سؤال وجوابه:
قد يسأل طالب العلم فيقول: أليست الآيات الأربع في الحث على التدبُّرِ: واحدة منها عامة؛ وهي آية سورة «ص»: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ (ص: ٢٩)، وأخرى في سياق الكلام على الكافرين؛ وهي آية سورة «المؤمنون»: ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ (المؤمنون: ٦٨)، والبقية؛ وهي آية سورة النساء: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ (النساء: ٨٢)، وسورة محمد: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ (محمد: ٢٤) - في سياق الحديث عن المنافقين، وهؤلاء ليسوا من أصحاب القلوب الحية! ! فما الجواب؟ !
والجواب من وجهين:
الأول: أن الآيات الثلاث مُصَدَّرة بالاستفهام الإنكاري: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾، ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا﴾؛ فهذه الآيات ينبغي أن تُفهم مع ضَمِّها إلى غيرها من الآيات التي تُخبِر عن الطبع والخَتْمِ والرَّانِ، وما نَتَجَ عن ذلك من العمى والصمم؛ ولذا قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٦) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (البقرة: ٦، ٧). ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ (الأعراف: ١٧٩)، كما أخبر عن قيلهم: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ (فصلت: ٥)، وقولهم: ﴿قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ﴾ (الشعراء: ١٣٦)، إلى غير ذلك من الآيات.