وقال الخَوَّاص - رحمه الله -: «قلت لنفسي: يا نفس اقرئي القرآن كأنك سمعتيه من الله حين تكلم به، فجاءت الحلاوة» (١).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به سبحانه منه إليه؛ فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله» اهـ (٢).
«فيُقَدِّر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن، فإن سمع أمرًا أو نهيًا قَدَّر أنه المنهيُّ والمأمور، وإن سمع وعدًا أو وعيدًا فكذلك، وإن سمع قصص الأولين والأنبياء، علم أن السَّمَر غير مقصود، وإنما المقصود أن يعتبر بها، ويأخذ من تضاعيفها ما يحتاج إليه، وإذا قُصد بالخطاب جميع الناس، فهذا القارئ الواحد مقصود، فما له ولسائر الناس، فَلْيُقَدِّر أنه المقصود؛ قال تعالى: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾ (الأنعام: ١٩)» (٣).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «وبالجملة فمن قُرِئ عليه القرآن، فَلْيُقَدِّر نفسه كأنما يسمعه من الله يخاطبه به، فإذا حصل له مع ذلك السماع به وله وفيه، ازدحمت معاني المسموع ولطائفه وعجائبه على قلبه، وازدلفت إليه بأيهما يبدأ، فما شئت من علم وحكمة، وتَعَرُّفٍ وبصيرة، وهداية وغَيْرَة» (٤).
_________
(١) سير أعلام النبلاء (٨/ ١٨٠).
(٢) الفوائد ص: ٣.
(٣) الإحياء (١/ ٢٨٥).
(٤) مدارج السالكين (١/ ٤٩٩).


الصفحة التالية
Icon