قال في الإحياء: «وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك اللسان والعقل والقلب؛ فحظ اللسان: تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل: تفسير المعاني، وحظ القلب: الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار؛ فاللسان يُرتِّل، والعقل يُترجم، والقلب يتعظ» اهـ (١).
«وينبغي للتالي أن يستوضح كل آية ما يليق بها، ويتفهم ذلك، فإذا تلا قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ (الأنعام: ١)، فليعلم عظمته، وَيَتَلَمَّح قدرته في كل ما يراه، وإذا تلا: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ﴾ (الواقعة:

٥٨)، فليتفكر في نُطفة متشابهة الأجزاء كيف تنقسم إلى لحم وعظم وإذا تلا أحوال المكذبين، فليستشعر الخوف من السَّطْوَة إن غفل عن امتثال الأمر.
وينبغي لتالي القرآن أن يعلم أنه المقصود بخطاب القرآن ووعيده، وأن القصص لم يُرَد بها السَّمَر بل العِبَر، فحينئذ يتلو تلاوة عبد كَاتَبَه سيده بمقصود، وليتأمل الكتاب، وليعمل بمقتضاه» (٢).
ووصف السيوطي - رحمه الله - الوقوف عند المعاني بقوله: «أن ينشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به، فيعرف كل آية، ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك؛ فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر، وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل، أو عذاب أشفق وتعوّذ، أو تنزيه نزّه وعظّم، أو دعاء تضرع وطلب» (٣).
_________
(١) الإحياء (١/ ٢٨٧).
(٢) مختصر منهاج القاصدين ص: ٦٩، وينظر: الإحياء (١/ ٢٨٣).
(٣) الإتقان (١/ ٣٠٠).


الصفحة التالية
Icon