أما ما يَصْرِفه بالكلية: فالطبع والختم وما في معناهما (١)
- كما سبق- فيصير العبد إلى الحال التي وصفها الله تعالى بقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (٤٢) وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ﴾ (يونس: ٤٢، ٤٣)، وقوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ (الأنعام: ٢٥) (٢).
وأما ما يُضْعِفُ التدبر: فأمور عدة؛ منها:
١) الذنوب والمعاصي:
ينبغي على المسلم أن يتخلى «عن موانع الفهم؛ ومن ذلك أن يكون مُصِرًّا على ذنب، أو مُتَّصِفًا بكِبْر، أو مُبتلًى بهوى مُطاع، فإن ذلك سبب ظُلْمَة القلب وصَدَئِه؛ فالقلب مِثْل المرآة، والشهوات مِثْل الصَّدَأ، ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة، والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل جلاء المرآة» (٣).
قال الزركشي - رحمه الله -: «اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي، ولا يظهر له أسراره، وفي قلبه بدعة أو كِبْر أو هوى أو حب دنيا، أو هو مُصِرّ على ذنب، أو غير متحقق بالإيمان، أو ضعيف التحقيق، أو يعتمد على مفسر ليس عنده علم، أو راجع إلى معقوله؛ وهذه كلها حُجب وموانع بعضها آكدُ من بعض» اهـ (٤).
_________
(١) ينظر على سبيل المثال: مجموع الفتاوى (٩/ ٣٠٧ - ٣١٩).
(٢) وقد شرح الحافظ ابن القيم - رحمه الله - هذه الحُجب:
(٣) مختصر منهاج القاصدين ص: ٦٩. (مع الاختصار والتصرف). وينظر: الإحياء (١/ ٢٨٤).
(٤) البرهان (٢/ ١٨١)، (مع الاختصار والتصرف).


الصفحة التالية
Icon