٤ - قال تعالى: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (المائدة: ١١٨).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «ولم يقل: (الغفور الرحيم) وهذا من أبلغ الأدب مع الله تعالى؛ فإنه قاله في وقت غضب الرب عليهم، والأمر بهم إلى النار، فليس هو مقام استعطاف ولا شفاعة، بل مقام براءة منهم» (١).
وكذلك فإنه حينما يعذبهم أو يغفر لهم، فإن ذلك صادر عن عزة وحكمة، وليس عن ضعف وعجز عن المؤاخذة حال المغفرة، أو وَضْع للأمر في غير موضعه.
٥ - قال تعالى: ﴿وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٦)﴾ (الأعراف).
قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: «لما كان قوله تعالى: ﴿وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ مشتملًا على جميع مقامات الإيمان والإحسان، وهي: الحُبُّ والخوف والرجاء، عَقَّبها بقوله: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾؛ أي: إنما تَنَالُ من دعاه خوفًا وطمعًا، فهو المحسن، والرحمة قريب منه؛ لأن مدار الإحسان على هذه الأصول الثلاثة» (٢).
٦ - قال تعالى في سياق خطاب شعيب - عليه السلام - لقومه: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)﴾ (هود).
_________
(١) مدارج السالكين (٢/ ٣٥٨ - ٣٥٩).
(٢) مجموع الفتاوى (١٥/ ٢٦).