قال المُبَرِّد - رحمه الله - (١): «سلطان السمع في الليل، وسلطان البصر في النهار» (٢).
١١ - قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (٢٧)﴾ (السجدة).
«تلحظ هنا توافق النسق القرآني بين صدر الآيات وعَجُزها، ففي الآية السابقة قال سبحانه: ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ... ﴾؛ أي: يدلُّ ويرشد، والكلام فيها عن قصص تاريخي، فناسبها: ﴿أَفَلَا يَسْمَعُونَ﴾، أما هنا فالكلام عن مَشَاهِد مَرْئية، فناسبها: ﴿أَفَلَا يُبْصِرُونَ﴾؛ فهذا ينبغي أنْ يُسمع، وهذا ينبغي أنْ يُرى» (٣).
١٢ - قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨)﴾ (الشورى).
قال ابن عاشور - رحمه الله -: «وذكر صفتي الولي الحميد دون غيرهما؛ لمناسبتهما للإغاثة؛ لأن الولي يُحسِن إلى مواليه، والحميد يعطي ما يُحْمَد عليه» (٤).
_________
(١) هو: محمد بن يزيد بن عبد الأكبر الثمالي الأزدي، أبو العباس، المعروف بالمُبَرِّد، إمام العربية ببغداد في زمنه، وأحد أئمة الأدب والأخبار، مولده بالبصرة، ووفاته ببغداد، توفي سنة: ٢٨٦ هـ. انظر: تاريخ العلماء النحويين (ص ٦٢)، والأعلام للزركلي (٧/ ١٤٤).
(٢) ذيل طبقات الحنابلة (٢/ ١٤٨)، وهو تابع للكلام المنقول عن ابن هبيرة. وانظر: مفتاح دار السعادة (١/ ٢٠٨)، تفسير السعدي (ص ٦٢٣).
(٣) تفسير الشعراوي (١٩/ ١١٨٦٦ - ١١٨٦٧). وانظر: فتح البيان (١١/ ٣٥).
(٤) التحرير والتنوير (٢٥/ ٩٦).


الصفحة التالية
Icon