٥ - الفروق اللفظية (١):
التطبيق:
١ - قال تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧)﴾ (البقرة).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «تأمل كيف قال الله تعالى: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾، فوَحَّدَه، ثم قال: ﴿وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ﴾، فجمعها؛ فإن الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم، الذي لا صراط يُوصِل إليه سواه، وهو عبادة الله وحده لا شريك له بما شرعه على لسان رسوله - ﷺ -، لا بالأهواء والبدع، وطرق الخارجين عما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق، بخلاف طرق الباطل، فإنها متعددة مُتَشَعِّبة؛ ولهذا يُفْرِد الله - سبحانه وتعالى - الحق ويجمع الباطل؛ كقوله تعالى: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٥٧)﴾ (البقرة)» (٢).
وقال - رحمه الله - في موضع آخر: «وتأمل قوله تعالى: ﴿ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ﴾، ولم يقل: (بنارهم) لتطابق أول الآية؛ فإن النار فيها إشراق وإحراق، فذهب بما فيها من الإشراق -وهو النور- وأبقى عليهم ما فيها من الإحراق، وهو النَّارِيَّة» (٣).
_________
(١) والمقصود به هنا: بيان وجه التعبير بلفظ دون غيره؛ كقولهم: وجه التعبير بـ (كذا) دون (كذا).
وله نَوْعُ تَعَلُّق بالنوع الذي يأتي بعده، وهو: (المُتشابه اللفظي).
وكذلك ما سيأتي (ص ١٦٣) في بعض أمثلة (دلالات الجملة الاسمية والفعلية)، في وجه التعبير ببعض الأفعال بصيغةٍ كالمضارع أو غيره.
(٢) اجتماع الجيوش الإسلامية (٢/ ٦٥ - ٦٦).
(٣) السابق (٢/ ٦٤).


الصفحة التالية
Icon