وهو ما كان من إبراهيم - عليه السلام -، فَذَكَر جَمْع القِلَّة في هذا المقام، أما آية لقمان فجمعها جَمْع كَثْرة (نِعَمَه)؛ لأنها في مقام تعداد نعمه وفضله على الناس جميعًا» (١).
١٠ - في سورة الكهف قال الخضر - رحمه الله -: «في الأولى: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾ (الكهف: ٧٩)، وفي الثانية: ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (٨١)﴾ (الكهف)، وفي الثالثة: ﴿فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ﴾ (الكهف: ٨٢) فما وجه كل واحدة من هذه الألفاظ؟
قلت: إنه لما ذكر العيب أضافه إلى نفسه على سبيل الأدب مع الله تعالى، فقال: ﴿فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا﴾، ولما ذكر رعاية المصالح في مال اليتيمين لأجل صلاح أبيهما أضافه إلى الله - سبحانه وتعالى -؛ لأن حفظ الأبناء وصلاح أحوالهم لرعاية حق الآباء ليس إلا لله - سبحانه وتعالى -؛ فلأجل ذلك أضافه إلى الله تعالى» (٢).
١١ - قال تعالى: ﴿قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠)﴾ (الأنبياء).
وقال تعالى: ﴿قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (٩٧) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)﴾ (الصافات).
_________
(١) أسرار البيان في التعبير القرآني (باب: البنية في التعبير القرآني).
(٢) تفسير الخازن (٤/ ٢٢٨).