(التقديم والتأخير، والترتيب) (١):
التطبيق:
١ - قال تعالى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ (الفاتحة).
قال ابن القيم - رحمه الله -: «وتقديم «العبادة» على «الاستعانة» في الفاتحة من باب تقديم الغايات على الوسائل؛ إذ «العبادة» غاية العباد التي خُلِقُوا لها، و «الاستعانة» وسيلة إليها؛ ولأن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، مُتَعَلِّق بألوهيته واسمه «الله»، ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، مُتَعَلِّق بربوبيَّته واسمه «الرب»، فَقَدَّم ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، على ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾؛ كما قَدم اسم «الله» على «الرب» في أول السورة؛ ولأن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ قسْمُ «الرب»، فكان من الشَّطْر الأول، الذي هو ثناء على الله تعالى؛ لكونه أولى به، و ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قسْمُ العبد، فكان من الشَّطْر الذي له، وهو ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ إلى آخر السورة» (٢).
٢ - قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٧٢)﴾ (البقرة).
قال السعدي - رحمه الله -: «لعل من فوائد تأخير ذلك القتيل عن ذِكْر الأمر بذبح البقرة في قصة موسى مع بني إسرائيل؛ لأن السياق سياق ذم لبني إسرائيل، وتعداد
_________
(١) التقديم والتأخير: هو جعل اللفظ في رُتْبَة قبل رُتْبَتِه الأصلية، أو بعدها لعارض اختصاص، أو أهمية، أو ضرورة؛ وعكسه الترتيب. انظر: الإكسير (ص ١٤٥).
ونعني به هنا ما هو أوسع من ذلك، فلا نقصره على ما قُدِّم أو أُخِّر عن رُتْبَتِه، بل نذكر أيضًا توجيه ما ذُكِر قبل غيره، أو بعده، وكذلك توجيه ترتيب المذكورات على وفق ما جاء في الآية.
(٢) مدارج السالكين (١/ ٩٧).