عليها ومعرفة ما تَؤُول إليه تَنْقَلِب عند أرباب البصائر مِنَحًا يُسَرُّون بها، ولا يُبالون بها، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» (١).
٦ - هل سمعت بطفل يتدبر القرآن؟ قال أحدهم: كنت مع ابنتي (٧ سنوات)، فَسَمِعَت قارئًا عَبْر الإذاعة يتلو: ﴿لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ (١٨١)﴾ (آل عمران)، فسَأَلَتْ ببراءة: إذا كان الله فقيرًا وهم أغنياء، فمن الذي أغناهم؟ ! (٢).
٧ - قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)﴾ (النساء).
قال السعدي - رحمه الله -: «ثم أخبر أنهم لو فعلوا ما يُوعَظُون به؛ أي: ما وُظِّف عليهم في كل وقت بحسبه، فبذلوا هِمَمَهم، ووَفَّروا نفوسهم للقيام به وتكميله، ولم تَطْمَح نفوسهم لِمَا لم يَصِلوا إليه، ولم يكونوا بصَدَدِه، وهذا هو الذي ينبغي للعبد؛ أن ينظر إلى الحالة التي يلزمه القيام بها فيكملها، ثم يتدرج شيئًا فشيئًا، حتى يصل إلى ما قُدِّر له من العلم والعمل في أمر الدين والدنيا، وهذا بخلاف من طَمَحَت نفسه إلى أمر لم يَصِل إليه، ولم يُؤمر به بعد، فإنه لا يكاد يصل إلى ذلك بسبب تفريق الهِمَّة، وحصول الكسل وعدم النشاط» (٣).
٨ - قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)﴾ (النساء).
_________
(١) تفسير السعدي (ص ١٥٠).
(٢) ليدبروا آياته (٢/ ٤٧ - ٤٨).
(٣) تفسير السعدي (ص ١٨٥).