مُضمحِل مُنقطع؛ فإنه ليس إليه المُنْتَهى، وليس المُنْتَهى إلا إلى الذي انتهت إليه الأمور كلها، فانتهت إلى خلقه ومشيئته وحكمته وعلمه، فهو غاية كل مطلوب، وكل محبوب لا يُحبّ لأجله فمحبته عناء وعذاب» (١).
٤٣ - قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧)﴾ (الواقعة).
«وَصْفُ القرآن بأنه كريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ فيه ميزة؛ وهي: أن الكلام إذا قُرئ وتردد كثيرًا يهون في الأعين والآذان؛ ولهذا ترى من قال شيئًا في مجلس الملوك لا يذكره ثانيًا ولا يكرره، فقوله تعالى ﴿كَرِيمٌ﴾؛ أي: لا يهون بكثرة التلاوة، بل يبقى أبد الدهر كالكلام الغَض والحديث الطَّري» (٢).
٤٤ - قال تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠)﴾ (المزمل).
قال السعدي - رحمه الله -: «الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وليُعلم أن مثقال ذرة من الخير في هذه الدار، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا وما عليها في دار النعيم المقيم من اللذات والشهوات، وأن الخير والبِر في هذه الدنيا
_________
(١) الفوائد (ص ٢٠٢).
(٢) مفاتيح الغيب (٢٩/ ١٦٦).