الثاني: التفسير الإشاري (١):
قال ابن القيم - رحمه الله -: «وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: تفسير على اللفظ؛ وهو الذي ينحو إليه المتأخرون، وتفسير على المعنى؛ وهو الذي يذكره السلف، وتفسير على الإشارة والقياس؛ وهو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية وغيرهم. وهذا لا بأس به بأربعة شرائط: ألا يُنَاقِض معنى الآية، وأن يكون معنى صحيحًا في نفسه، وأن يكون في اللفظ إشعار به، وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم، فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطًا حسنًا» (٢).
التطبيق:
١ - قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٨٩)﴾ (البقرة).
_________
(١) والمشهور في تعريفه: أنه تأويل للقرآن بغير ظاهره لإشارة خفية تظهر لأرباب السلوك والتصوف، وأنه يمكن الجمع بينها وبين الظاهر المراد أيضًا. هكذا قالوا، والواقع أن هذا معناه عند المتصوفة، وإلا فهو نوع من التفسير بالاعتبار والقياس (من باب أن الشيء بالشيء يُذْكَر). وعامة ما يُذكر من هذا النوع لا يخلو من إشكال، وبعضه قَرْمَطَة وتحريف، لكن منه ما يصح إذا توفرت فيه تلك الشروط المذكورة أعلاه.
ثم لا يخفى أن ما يُذكر من هذا الطريق فأحسن أحواله -إن صح- أنه من باب المُلَح.
(٢) التبيان في أقسام القرآن (ص ٧٩)، وانظر: جامع المسائل لابن تيمية (٤/ ٦٥)، مجموع الفتاوى (٢/ ٢٧ - ٢٨)، (٦/ ٣٧٦ - ٣٧٧)، (١٠/ ٧٨)، (١١/ ٤٢)، مجموعة الرسائل والمسائل (١/ ٢٩)، الموافقات (٤/ ٢٣١ - ٢٣٢، ٢٤٣ - ٢٤٤)، التفسير والمفسرون (٢/ ٢٦١)، مفهوم التفسير والتأويل للطيار (ص ٨٩ - ١٠٧)، مناهل العرفان (٢/ ٧٨ - ٨١).