٢ - قال تعالى: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا﴾ (النساء: ٨).
قال السعدي - رحمه الله -: «ويُؤْخَذ من المعنى أن كل من له تَطَلُّع وتَشَوّف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر؛ كما كان النبي - ﷺ - يقول: «إذا جاء أحدَكم خادمُه بطعامه فَلْيُجْلِسْه معه، فإن لم يُجْلِسْه معه فَلْيُنَاوِلْه لُقْمَة أو لُقْمَتَين» (١)،
أو كما قال. وكان الصحابة - رضي الله عنهم - إذا بدأت باكورة أشجارهم- أتوا بها رسول الله - ﷺ - فبرَّك عليها، ونظر إلى أصغر وليد عنده فأعطاه ذلك (٢)؛ علمًا منه بشدة تَشَوّفه لذلك، وهذا كله مع إمكان الإعطاء» (٣).
٣ - قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٥٤)﴾ (المائدة).
قال السعدي - رحمه الله -: «وهذا يدل على قوة هممهم وعزائمهم؛ فإن ضعيف القلب ضعيف الهمة، تنتقض عزيمته عند لوم اللائمين، وتَفْتُر قوته عند عَذْل العاذلين، وفي قلوبهم تَعَبُّد لغير الله، بحسب ما فيها من مراعاة الخلق وتقديم
_________
(١) وأصله مخرج في صحيح البخاري (٥٤٦٠)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ أن رسول الله - ﷺ - قال: «إذا أتى أحدَكُم خَادِمُه بطعامه، فإن لم يُجْلِسْه معه فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين؛ فإنَّهُ وَلِيَ حرَّهُ وعِلاجَهُ».
(٢) وأصله مخرج في صحيح مسلم (١٣٧٣)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ أن رسول الله - ﷺ - كان يُؤْتَى بأول الثمر، فيقول: «اللهم بارك لنا في مدينتنا، وفي ثمارنا، وفي مُدِّنا، وفي صاعنا بركة مع بركة»، ثم يعطيه أصغر من يحضره من الولدان.
(٣) تفسير السعدي (ص ١٦٥).