٣ - قال تعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٢٠٤)﴾ (الأعراف).
قال السعدي - رحمه الله -: «فإن مَن لازَم على هذين الأمرين حين يُتلَى كتاب الله، فإنه ينال خيرًا كثيرا، وعلمًا غزيرا، وإيمانًا مستمرًّا متجددا، وهدى متزايدا، وبصيرة في دينه؛ ولهذا رَتَّب الله حصول الرحمة عليهما؛ فدل ذلك على أن من تُلي عليه الكتاب، فلم يستمع له ويُنْصِت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خيرٌ كثير» (١).
٤ - قال تعالى: ﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (٤٨) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾ (مريم). قال السعدي - رحمه الله -: «ولما كان مُفَارَقة الإنسان لوطنه ومَأْلَفِه وأهله وقومه من أشق شيء على النفس؛ لأمور كثيرة معروفة، ومنها انفراده عمن يتعزز بهم ويتكثر، وكان من ترك شيئًا لله عوضه الله خيرًا منه، واعتزل إبراهيم قومه، قال الله في حقه: ﴿فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا﴾... -من إسحاق ويعقوب- ﴿جَعَلْنَا نَبِيًّا﴾» (٢).
وقال الشنقيطي - رحمه الله - عند تفسير الآية: «بين تعالى... أن اعتزال الكفار والأوثان والبراءة منهم من فوائده: تفضل الله تعالى بالذرية الطيبة الصالحة» (٣).
_________
(١) تفسير السعدي (ص ٣١٤).
(٢) السابق (ص ٤٩٤).
(٣) أضواء البيان (٢/ ٥٧٠)، وانظر نحوه: تفسير ابن كثير (٤/ ٥٧٢ - ٥٧٣)، (٥/ ٢٣٦)، والقواعد الحسان (ص ١٦٤).