قال ابن القيم - رحمه الله -: «فإذا كان هذا حال المُعرِض عنه، فكيف حال المُعَارِض له بعقله أو عقل من قَلَّده وأحسن الظن به؟ ! فكما أنه لا يكون مؤمنًا إلا من قَبِلَه وانقاد له، فمن أعرض عنه وعارضه من أبعد الناس عن الإيمان به» (١).
١٢ - قال تعالى: ﴿فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٥٠)﴾ (الروم).
قال السعدي - رحمه الله -: «فإذا كانت الأرض الخاشعة الخالية من كل نبت إذا أنزل الله عليها المطر اهتزت ورَبَت وأنبتت من كل زوج بهيج، واختلط نبتها، وكثرت أصنافه ومنافعه؛ جعله الله تعالى من أعظم الأدلة الدالة على سعة رحمته وكمال قدرته، وأنه سيُحيي الموتى للجزاء -فالدليل في القلب الخالي من العلم والخير حين يُنزل الله عليه غيث الوحي فيهتز بالنبات ويُنْبِت من كل زوج بهيج من العلوم المختلفة النافعة، والمعارف الواسعة، والخير الكثير، والبِرّ الواسع، والإحسان الغزير، والمحبة لله ورسوله، وإخلاص الأعمال الظاهرة والباطنة لله وحده لا شريك له، والخوف والرجاء، والتضرع والخشوع لله، وأنواع العبادات، وأصناف التَّقَرُّبات، والنُّصْح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم، وغير ذلك من العلوم والأعمال الظاهرة والباطنة، والفتوحات الربانية مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر-: أعظم من الأرض بكثير على سعة رحمة الله، وواسع جوده، وتنوع هِبَاته، وكمال اقتداره وعزته، وأنه يُحيي الموتى للجزاء، وأن عنده في الدار الأخرى من الخيرات والفضل ما لا يعلمه أحد غيره» (٢).
_________
(١) الصواعق المرسلة (٣/ ١٧٢).
(٢) المواهب الربانية (ص ٩٣).


الصفحة التالية
Icon