٢ - قال تعالى في حكاية قول الخضر لموسى - عليه السلام -: ﴿أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢)﴾ (الكهف)، ثم قوله بعد ذلك في قصة قتل الغلام: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٥)﴾ (الكهف).
قال الغرناطي - رحمه الله -: «للسائل أن يسأل عن الفَرْق المُوجِب لزيادة «لك» في هذا القول الثاني؟
والجواب: أن الخضر قد كان قال لموسى حين قال له موسى - عليه السلام -: ﴿هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (٦٦) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٦٧)﴾ (الكهف)، فلما كان من موسى عند خرق السفينة ما كان من الإنكار بقوله: ﴿فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (٧١)﴾ (الكهف)، ذَكَّره الخضر بما كان قد قاله له من غير أن يزيده على إيراد ما كان قد قاله، فقال: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (٧٢)﴾، فاعتذر موسى - عليه السلام - بقوله: ﴿قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (٧٣)﴾، فلما وقع منه بعد ذلك إنكار قتل الغلام بقوله: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾، وأبلغ في وصف الفعلة بقوله: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾؛ قَابَل الخضر ذلك بتأكيد الكلام المُتَقَدِّم، فقال: ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ﴾، فالضمير المجرور بيانٌ جيء به تأكيدًا؛ لِيُقَابَل بالكلام ما وقع جوابًا له من قول موسى - عليه السلام - زيادةً للتناسب» (١).
_________
(١) ملاك التأويل (ص ٣٢٢).


الصفحة التالية
Icon