ومما يدخل في هذا النوع ما يُسمَّى بـ (التفسير الإشاري).
وهذا النوع من التفسير إنما يُقال له: (تفسير)، على سبيل التَّجَوُّز، وإلا فإنه لا يدخل تحت التفسير، كما أن عامة ما يُذكر فيه لا يصح.
وقد أفردتُّ له عنوانًا في آخر الكتاب وأَوردتُّ فيه نماذج صالحة مُسْتَحْسَنة مما ذكره العلماء الثقات: كشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، والحافظ ابن كثير، والشيخ عبد الرحمن السعدي، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي؛ رحمهم الله، سواء صَرَّحُوا فيه بأنه من قبيل الإشارة، أو لم يُصَرِّحوا بذلك، لكنه داخل تحته.
كما أوردتُّ في آخر الكتاب ما يتصل بالتطبيق والعمل والامتثال؛ لكون ذلك يتصل بالتدبر من جهة أن بعض السلف قد فسَّر التدبر بالعمل به؛ كما أوضحنا ذلك في كتاب (الخلاصة في تدبر القرآن). ولا شك أن من مطالب المتدبرين: العمل والامتثال.
هذا بالإضافة إلى الربط بين تدبُّر الآيات المتلوة، والتفكر في الآيات المشهودة، وقد صار ذلك مُتاحًا لكل أحد بصورة أعمق في هذا الوقت؛ نظرًا لما توفر من الوسائل الحديثة التي يمكن لعموم الناس مشاهدة ذلك من خلالها.
وفي هذا الكتاب أَوْرَدتُّ نماذج من هذا النوع؛ لتدل على غيرها.
قال ابن القيم - رحمه الله -: «والتفكر في القرآن نوعان: تفكر فيه ليقع على مُراد الرب تعالى منه، وتَفَكُّر في معاني ما دعا عباده الى التَّفَكُّر فيه؛ فالأول: تَفَكُّر في الدليل القرآني، والثاني: تَفَكُّر في الدليل العياني؛ الأول: تفكُّر في آياته المسموعة، والثاني: تفكُّر في آياته المشهودة؛ ولهذا أنزل الله القرآن ليُتدبَّر، ويُتفكَّر فيه، ويُعمَل به» اهـ (١).
_________
(١) مفتاح دار السعادة (١/ ٥٣٦ - ٥٣٧).


الصفحة التالية
Icon