الصراط وحشةُ تَفَرُّدِه عن أهل زمانه وبني جنسه، وليعلم أن رفيقه في هذا الصراط هم الذين أنعم الله عليهم، فلا يكترث بمخالفة الناكبين عنه له، فإنهم هم الأقلون قَدْرًا، وإن كانُوا الأكثرين عددًا... » (١).
وقال - رحمه الله - في موضع آخر: «أفلا ترى كيف أفاد وصفك لها بأنها طريق السالكين الناجين قَدْرًا زائدًا على وصفك لها بأنها طريق موصلة وقريبة سهلة مستقيمة؟ ! فإن النفوس مجبولة على التأسي والمتابعة، فإذا ذُكِر لها من تتأسى به في سلوكها، أنست واقتحمتها، فتأمله» (٢).
٣ - قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (البقرة).
قال السعدي - رحمه الله -: «ولهذا قال: ﴿الَّذِينَ يَظُنُّونَ﴾؛ أي: يستيقنون ﴿أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ﴾ فيجازيهم بأعمالهم، ﴿وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾؛ فهذا الذي خفف عليهم العبادات، وأوجب لهم التسلي في المصيبات، ونَفَّسَ عنهم الكُربات، وزجرهم عن فعل السيئات، فهؤلاء لهم النعيم المقيم في الغُرُفات العاليات، وأما من لم يؤمن بلقاء ربه، كانت الصلاة وغيرها من العبادات من أشق شيء عليه» (٣).
٤ - قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (١٥٢) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)﴾ (البقرة).
_________
(١) مدارج السالكين (١/ ٤٥ - ٤٦).
(٢) بدائع الفوائد (٢/ ٢٨ - ٢٩).
(٣) تفسير السعدي (ص ٥١).