شاءَ رَكَّبَكَ (٨) [الانفطار: ٨].
﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَاِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ (٧) [٣٥ أ/م]) [آل عمران: ٧] اختلف الناس في المحكم والمتشابه على نحو اثني عشر قولا، أجودها أن المحكم هو المتضح المعنى.
والمتشابه: هو ما أشكل معناه؛ لاشتراك أو إيهام تشبيه ونحوه، ويجب رده إلى المحكم؛ لأن الله-عز وجل-سمى المحكمات أم الكتاب، أي أصله، والأشياء يجب ردها [عند الإشكال] إلى أصولها، فيجب رد المتشابهات في الذات والصفات إلى محكم ﴿فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (١١) [الشورى: ١١]. ورد المتشابهات في الأفعال إلى محكم ﴿قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (١٤٩) [الأنعام: ١٤٩] الآيتين على ما سنوضحه في موضعهما إن شاء الله عز وجل.
وهذه الآية نفسها من المتشابه؛ حيث تردد الوقف فيها بين أن يكون على ﴿إِلاَّ اللهُ﴾ وبين أن يكون على ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ اِبْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَاِبْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلاّ أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ (٧) [آل عمران: ٧] وترددت الواو في/ [٧٣/ل] ﴿وَالرّاسِخُونَ﴾ بين الاستئناف والعطف، والأشبه أنها للاستئناف، وأن الوقف على ﴿إِلاَّ اللهُ، ﴾ وأن الله-عز وجل-تعبد عباده من كتابه بما لا يعلمون، وهو المتشابه كما تعبدهم من دينه بما لا يعقلون، وهو التعبدات؛ ولأن العبادات فرع القرآن إذ به ثبتت، والقرآن فرع الذات، إذ هو صفتها وعنها صدر، وكما أن من الذات ما يعقل وهو وجودها، وما لا يعقل وهو ماهيتها التي هي بها هي [فكذا يجوز] أن يكون في فرعها وفرع فرعها ما يفهم وما لا يفهم، ولأن قوله-عز وجل-تردد بين كونه حالا