فيه، إذ يكون ذلك من قبيل المعجزات لا الكرامات، وقد اختلف في مريم وأم موسى وسارة زوجة إبراهيم/ [٨١/ل] وآسية امرأة فرعون، هل كن نبيات أم لا؟ على قولين للعلماء، أصحهما: لا، واختلف من الرجال في طالوت والإسكندر والخضر ولقمان هل كانوا أنبياء أم لا؟ على قولين؛ أصحهما: لا، قال ذلك ابن حزم في كتاب الإجماع له.
﴿قالَ رَبِّ أَنّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَاِمْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ﴾ (٤٠) [آل عمران: ٤٠] هذا من خوارق العادات، أعني ولادة العاقر فهو معجزة لزكريا عليه السّلام.
﴿قالَ رَبِّ اِجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاّ تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أَيّامٍ إِلاّ رَمْزاً وَاُذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ﴾ (٤١) [آل عمران: ٤١] فيه مسائل:
الأولى: جواز جعل العلة الشرعية أمرا سلبيا عدميا نحو؛ ليس بمكيل فلا يجرى فيه الربا ونحوه، لأن الله-عز وجل-جعل له الأمارة على ولادة امرأة زكريا عدم كلامه ثلاثة أيام، وإذا جاز ذلك في معجز نبوي فهو في حكم فرعي أجوز.
الثانية أن [٣٩ أ/م] قوله-عز وجل: ﴿إِلاّ رَمْزاً﴾ استثناء متصل أو منقطع؟ فيه خلاف، واحتمال الثالثة: لو حلف لا يكلم زيدا، فرمز إليه أو غمزه بما يفهم به عنه، انبنى على الخلاف إن قلنا: الاستثناء المذكور متصل، فالرمز كلام يحنث به وإلا فلا.
﴿وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اِصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاِصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ﴾ (٤٢) [آل عمران: ٤٢] يحتج به من يرى نبوتها كما مر نحو: ﴿*إِنَّ اللهَ اِصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ﴾ (٣٣) [آل عمران: ٣٣] ﴿قالَ يا مُوسى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ (١٤٤) [الأعراف: ١٤٤] وليس بنص في ذلك كما سبق.
﴿وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اِصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاِصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ﴾ (٤٢) [آل عمران: ٤٢] [إن قلنا: إن مريم] وصواحباتها نبيات فهن أفضل من فاطمة وخديجة وعائشة، وإن قلنا: لسن بنبيات احتمل أنهن أيضا أفضل للخلاف في بنوتهن، واحتمل التسوية بين الجميع تخصيصا لهن [بأدلتهن الخاصة] من بين النساء،


الصفحة التالية
Icon