عموم وخصوص تضمن عموما/ [٩١/ل] مطردا، وكذلك كل جملة تضمنت نفيا ب‍ «ما» وإثباتا ب‍ «إلا» فقوله-عز وجل: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ (١٢٦) [آل عمران: ١٢٦] عام، أي ما النصر موجود، ثم خص بالاستثناء بعد وهو ﴿إِلاّ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾ فحصل منهما عام مطرد تقديره: النصر كله من عنده الله.
﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ﴾ (١٢٨) [آل عمران: ١٢٨] عام مطرد، إذ هو نكرة في سياق نفي، وهو شبيه بقوله-عز وجل- ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (٥٦) [القصص:
٥٦] في الدلالة على استبداد الله-عز وجل-بالتصرف في خلقه من غير مشارك.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاِتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (١٣٠) [آل عمران: ١٣٠] هذا خرج مخرج الغالب، أو حكاية حالهم في أكل الربا، أو التعريض بالتشنيع على أكلته، كذلك فلا مفهوم حتى لو أكله آكل لا أضعافا مضاعفة لكان حراما أيضا.
﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ اِنْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ﴾ (١٤٤) [آل عمران:
١٤٤] فيه إثبات رسالته صلّى الله عليه وسلّم وسيأتي البرهان عليها في سورة الفتح إن شاء الله عز وجل.
﴿اِنْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً﴾ (١٤٤)
[آل عمران: ١٤٤] زعمت الشيعة أن هذا تعريض من الله-عز وجل-بارتداد الصحابة، وانقلابهم على أعقابهم بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلّم قالوا: والنبي صلّى الله عليه وسلّم علم ذلك، فأكد في نهيهم عنه، بقوله: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ولا ترجعوا بعدي ضلالا...» (١) الحديث، ثم لم يكفه ذلك حتى أخبرهم بأنهم سيؤخذ بهم يوم القيامة عن الحوض ذات الشمال إلى النار حتى لا يخلص منهم إلا همل النعم، قالوا: وقد كان ذلك منهم بانحرافهم عن إمامهم المنصوص عليه وهو علي إلى غيره.


الصفحة التالية
Icon