يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ اِفْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨) [النساء: ٤٨] [٥٢ أ/م] والخاص مقدم، ومما يجاب به عنها الأحاديث الصحيحة المستفيضة [١١٠/ل] في أنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله (١) وهو يتناول القاتل عمدا وغيره. ولقائل أن يقول: الآية أخص من مقتضى الحديث، والخاص مقدم.
﴿فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً﴾ (٩٥) [النساء: ٩٥] [أول ما نزلت] هكذا عامة، ثم خصصت ب ﴿لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٥] وهي تقتضي التسوية بين المجاهد بماله ونفسه، والقاعد عن الجهاد [لضرر أو زمانة بنية الجهاد] لو قدر وزايله الضرر، وهو موافق لأحاديث السّنّة نحو حديث مسلم من رواية سهل بن حنيف عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من سأل الشهادة خالصا من قلبه بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» (٢)، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في بعض مغازيه: «إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا، ولا نزلتم منزلا إلا كانوا معكم» قالوا: وهم بالمدينة؟ ! قال: «وهم بالمدينة حبسهم العذر» (٣).
ومن هاهنا أخذ علي-رضي الله عنه-قوله فيما روي عنه أنه قال في حروبه في الجمل وصفين والنهروان: لقد حضر حروبنا هذه قوم هم الآن في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، سيلفظهم الدهر. أي حضروا معنا بالنيات على تقدير وجودهم، ولعلك تستبعد هذا، وهو قريب جدا إذ ليس مقصود الجهاد نصرة الله-عز وجل-من كل، ولا تكثيره من قل؛ لأن الله-عز وجل-قادر على الانتصار من كل عدو له بكلمة أو يجمعهم على الإيمان به والطاعة له، فلا يبقى له عدو، وإنما مقصود الجهاد امتحان النفوس