الصواب في الواسطة فمن ثم ورد: «خير الأمور/ [٥٦ أ/م] أوساطها» (١) وقال الشاعر:
كلا طرفي قصد الأمور ذميم
بناء على الغالب والتحقيق ما قلناه وهذه القاعدة شبيهة بقياس الشبه، إذا كان معناه تردد الواسطة بين طرفين، فيلحق بأشبههما بها.
﴿يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اِتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً﴾ (١٥٣) [النساء: ١٥٣] يحتج بها المعتزلة على عدم جواز الرؤية، وقد سبق ذلك في البقرة.
﴿فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً﴾ (١٥٥) [النساء: ١٥٥] يحتج بها المعتزلة والجمهور، أما المعتزلة فقالوا: الطبع على قلوبهم كان عقوبة على كفر، صدر عنهم بخلقهم، وإلا استحال أن يعاقبهم على فعله.
والجمهور قالوا: كما طبع عليها آخرا عقوبة طبع عليها أولا إبعادا أو بغضا بحسب سابق العلم.
﴿وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اِتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً﴾ (١٥٧) [النساء: ١٥٧] هذا أعنى ﴿رَسُولَ اللهِ، ﴾ تخصيص من الله-عز وجل-لعيسى-عليه السّلام-[وتنويها بذكره] بإثبات رسالته، وليس من قول اليهود؛ إذ لو كان من قولهم لكان ذلك اعترافا منهم برسالته، وذلك/ [١١٩/ل] مع اعترافهم بقتله على زعمهم وافتخارهم به، محال.
﴿وَإِنَّ الَّذِينَ اِخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ﴾ [النساء: ١٥٧] اختلف أهل الملل في قتل المسيح وصلبه، فادعاه اليهود والنصارى، وأنكره المسلمون.


الصفحة التالية
Icon