﴿يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ اِنْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً﴾ (١٧١) [النساء: ١٧١] فيها مباحث:
الأول: إثبات رسالة المسيح-عليه السّلام-خلافا لليهود، وسنذكر برهانه في سورة المائدة-إن شاء الله-عز وجل.
الثاني: معنى كونه كلمة الله-عز وجل-عند المسلمين أنه خلقه بكلمته، وهي «كن» التي يخلق بها الأشياء، وخص عيسى بتسميته كلمة تشريفا، نحو: ناقة الله، وبيت الله، ومعناه عند النصارى أن كلمة الله الحقيقية التي هي من صفة النطق حلت في مريم، واستحالت لحما ودما حتى تكّون منها عيسى، وهو محال لوجوه:
أحدها: انتقال الصفة مجردة عن محلها إلى غيره يوجب قيامها بنفسها، فيما بين المحلين المنتقل عنه وإليه.
الثاني: حلول الصفة القديمة في المحل الحادث، وهو مريم.
الثالث: استحالة القديم وتغيره.
الرابع: استحالة الصفة التي لا قيام لها بذاتها ذاتا قائمة بنفسها، والكل محال.
الثالث: ألقاها إلى مريم، معناه: عند المسلمين ما حكي في سورة مريم، وغيرها من تعرض الملك لها، ونفخه في فمها، أو جيب درعها حتى حملت بالمسيح، وعندهم حلول الكلمة القديمة فيها كما مر، وبطلانه بما سبق.
الرابع: ﴿يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى اِبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ اِنْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً﴾ (١٧١) [النساء: ١٧١] معناه عند المسلمين أنه روح مخلوق خاص، سلكه في المسيح له قوة إظهار الخوارق والتعدي إلى التغيير كتصيير الطين ضربا من الطير، وعندهم أنه روح من ذات الله-