أو غير مرتب؛ فيلزم أن لا تقبل الصلاة إلا بوضوء غير مرتب، وهو خلاف للإجماع، وهي طريقة حسنة مطردة، في جميع أبعاض الوضوء غير أنها منتقضة على كل مستدل بها بما لا يقول هو بوجوبه في الوضوء كالمضمضة والاستنشاق والموالاة/ [٦٣ أ/م] وسائر السنن عند من لا يرى فرضية شيء منها؛ فإن النكتة جارية فيه بعينها بأن يقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، ثم لا يخلو إما أنه عليه الصلاة والسّلام تمضمض فيه أو لا، إلى آخرها.
المسألة الثالثة: ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] قرأ نصف القراء بفتح اللام نصبا عطفا على الوجوه والأيدي في الغسل. واحتج به الجمهور، وقرأ الباقون بكسر اللام جرا عطفا على الرءوس في المسح. واحتج به الشيعة.
ثم كل واحد من الفريقين تأول قراءة الآخر على خلاف الظاهر؛ فالجمهور تأولوا قراءة الجر على المجاورة للرءوس، نحو:
... … كبير أنا في بجاد مزمل
... … صفيف شواء أو قدير معجل
وجحر ضب خرب، والأصل مزمل وخرب بالرفع، وقديرا بالنصب، وإنما جر الثلاثة لمجاورتها المجرور قبلها.
وردت الشيعة ذلك بأن الإعراب على المجاورة شاذ نادر، أو ضعيف في القياس فلا تحمل عليه القراءة المشهورة، ثم هو إنما يستعمل حيث يؤمن اللبس لا حيث يلبس كما هاهنا، على أن معنى الشاهد الثالث: لكم جحر ضب خرب جحره، فهو نعت سببي مقيس لكن حذف الفاعل لدلالة خبر المبتدأ عليه؛ إذا التقدير: هذا جحر ضب خرب جحره.
والشيعة تأولوا قراءة النصب على أنها على محل ﴿بِرُؤُسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] وهو نصب نحو: «فلسنا بالجبال ولا الحديدا»، وهو أقرب من الوجوه والأيدي، والعطف على الأقرب أولى.
ورد الجمهور ذلك بأن العطف على محل ﴿بِرُؤُسِكُمْ﴾ [المائدة: ٦] وإن كان أقرب، لكن العطف على لفظ الوجوه والأيدي أقوى/ [١٣٣/ل] واعتبار الأقوى أولى من اعتبار الأقرب؛ لأن القوة معنى حقيقي، والقرب معنى إضافي عدمي، ثم أكدوا ذلك بفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، واتفاق السواد الأعظم على غسل الرجلين.