شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ [المائدة: ١٧] وتقريره لو كان الله هو المسيح ابن مريم لامتنع عليه إهلاكه واللازم باطل فالملزوم كذلك، بيان الملازمة أن الله- عز وجل-لو كان هو المسيح لكانا ذاتا واحدة قديمة، [ولو كانا ذاتا واحدة قديمة لامتنع أن يهلك الله] ذاته القديمة/ [٦٥ أ/م] إذ القديم لا يقبل العدم ولا الهلاك ولا التأثر بوجه.
بيان انتفاء اللازم وهو أن الله-عز وجل-قادر على إهلاك من في الأرض جميعا، بل جميع العالم، فعلى إهلاك المسيح وحده أولى، وإذا كان قادرا على إهلاكه لزم أنه ليس هو الله-عز وجل-لأن إهلاك المسيح مقدور، وإهلاك الله-عز وجل-نفسه غير مقدور؛ ينتج أن المسيح ليس هو الله، وينعكس كليا أن الله-عز وجل-ليس هو المسيح، وهو المطلوب.
﴿وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (١٧) / [١٣٧/ل] [المائدة: ١٧] إشارة إلى ما سبق من أن العالم بأسره مملوك لله-عز وجل-ونفسه أو ابنه على تقدير قول النصارى ليس مملوكا له فلو كان المسيح هو الله- عز وجل-أو ابنه كما قالوا؛ لكان المسيح خارجا عن عالم السماوات والأرض، وأنه باطل، وإذا ثبت أنه من العالم والعالم مملوك مخلوق فالمسيح بهيكله وروحه وكثيفه ولطيفه مملوك مخلوق، ومختصر هذا أن المسيح من العالم، وكل ما هو من العالم فهو مملوك مخلوق فالمسيح مملوك مخلوق.
﴿وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ (١٨) [المائدة: ١٨] تقريره أنكم أيها اليهود والنصارى معذبون بذنوبكم، والأبناء والأحباء لا يعذبون بذنوبهم، فأنتم أيها اليهود والنصارى لستم أبناء الله ولا أحباءه، بل أنتم بشر من خلقه يغفر لمن شاء منكم ويعذب منكم من يشاء.