﴿بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾ [المائدة: ٤٢]
﴿لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً﴾ [المائدة: ٤٨] يحتج به على أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا، إذ لو لم يكن كذلك لما خصت كل أمة بشرعة ومنهاج.
وأجيب بأن اختصاص كل أمة بشرعة إنما هو في فروع التكاليف، أما التوحيد ونحوه من أصول الديانات فالشرائع فيه واحدة، ثم إن الآية ليست في محل النزاع؛ إذ/ [١٤١/ل] ما كان لنا فيه شرعة ومنهاج لا يحتاج فيه إلى شرع من قبلنا، إنما محل النزاع هو الحكم الذي لا دليل عندنا فيه، وهو موجود في شرع من قبلنا، ولم يرد شرعنا بنسخه، والآية ليست في ذلك.
﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً﴾ [المائدة: ٤٨] هو حجة على المعتزلة في أن الله-عز وجل-أراد اختلاف الأمم، ويلزم من ذلك أنه أراد هداية المهتدي وضلال الضال؛ إذ بهما يتقوم الاختلاف، وفي هذا اللزوم نظر، بل الاختلاف يحصل بإرادته هداية البعض، أما ضلال البعض الآخر فهو منهم عند الخصم، وبالجملة فالآية مراغمة لهم.
﴿إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ (٤٨) [المائدة: ٤٨] فيه إثبات البعث/ [٦٧ أ/م] والمعاد، وهو عام مطرد في الجميع.
﴿* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ (٥١) [المائدة: ٥١] عام في ترك موالاتهم والاستعانة بهم بطريق الموالاة في أمر دين أو دنيا، إلا حيث يضطر إليهم ولا يوجد مسلم يقوم مقامهم في كتابة أو تطبب ونحوه؛ فيجوز على ما فيه، أما بطريق المعاملة كالمبايعة والإجازة والمناكحة، ونحو ذلك مجردا عن الموالاة فجائز.
والموالاة هي: العناية الظاهرة عن موادة باطنة.
﴿بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ﴾ [المائدة: ٥١] أي: إنما يصلح موالاة بعضهم لبعض لما بينهم [من جامع الكفر لا للمؤمنين، لا أنهم في الواقع متوالون؛ كيف وقد ألقي بينهم] العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة.
﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ﴾ (٥١) [المائدة: ٥١] ظاهره أنه يكفر بموالاتهم، وهو كذلك؛ إذ موالاتهم تستلزم معاداة المؤمنين، وهي كفر.


الصفحة التالية
Icon