تحت عموم التحريم حتى يخص منه؛ لأن العموم إنما يتناول قتله عن قصد، وهذا لم يقصد قتله، لكن يخص بلا خلاف بالصيد الصائل إذا قتله لا تحريم فيه ولا إثم، ولكن هل يضمنه أم لا؟ فيه خلاف الأصح: لا يجب ضمانه.
﴿وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ٩٥] يحتج به على أن الكفارة شرعت عقوبة وزجرا لا جبرا، والتحقيق أن الكفارات منها ما شرع زجرا كهذه، ومنها ما شرع جابرا كفدية/ [٧١ ب/م] الأذى؛ إذ لا معصية هناك يزجر عنها.
وهذه قاعدة في الكفارات حيث كانت عن معصية فالمقصود بها الزجر، وإن كان فيها جبر فهو تبع، وحيث لا معصية فهي جابرة لما نقص من العبادات أو فات من بعض الحقوق التعبدية.
﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاِتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ (٩٦) [المائدة: ٩٦] عام خص منه الضفدع والتمساح والكوسج، وعلى قياسه كل سبع مائي، وإنسان الماء وكلبه، وخنزيره، وكل ما حرم نظيره في البر على خلاف بينهم في بعض هذه الصور المخصوصة.
﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً﴾ [المائدة: ٩٦] يعني حرم عليكم أكله وهو عام خص منه صيد الحلال؛ يجوز للمحرم أكله [إذ لم يصده لأجله] لقوله-عليه الصلاة والسّلام-: «صيد البر حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم» (١).
﴿ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾ (١٠٣) [المائدة: ١٠٣] عامة في نفي الأربعة المذكورة فيها، فلا يشرع في الإسلام شيء منها.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اِهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ﴾