من أسمائه، فقال في قوله-عز وجل-: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (٣) [البقرة: ٣] أي: يؤمنون بالله.
الثاني: أن ما غاب عنا تشوقت النفس إليه عزيزا، وما شوهد سئمته فصار ملولا وذليلا إلا ما خصه دليل.
الثالث: أنه حيث ذكر قدّم فلا يكاد أن يقال: عالم الشهادة والغيب، وذلك لدليل شرفه على طريق العرب في تقديم الأهم، سواء قلنا: الواو للترتيب أو لا، وعالم الغيب [والشهادة هو المشار إليه بقوله-عز وجل- ﴿فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ﴾ [الحاقة: ٣٨] ثم لنذكر أقسام العالمين: أما عالم الغيب، فهو إما قديم أو حادث، فالقديم هو الله-عز وجل-ولا تنكرن إدراجنا له تحت العالم فإنما هذا مجاز والمعنى مفهوم، والحادث على أقسام:
أحدها: الملائكة.
والثاني: العقول.
والثالث: / [١٦٧/ل] النفوس.
والرابع: النار، والذي يرى منها إنما هو [مظهر لها] أو أثر من آثارها، وأما حقيقتها فجوهر لا يرى كالهواء، وأولى لأن موضعها أعلى من موضعه.
والخامس: الهواء.
والسادس: الجن والشياطين؛ لأنهم فرع النار التي هي غير مرئية.
السابع: ما وراء العالم من قبيل الغيب، ومن ثم اختلف فيه: هل هو خلاء أو ملاء؟.
الثامن: الآخرة غيب والدنيا شهادة.
التاسع: النوم غيب واليقظة شهادة، والحيوان يتقلب بينهما كل يوم وليلة، ويكشف للإنسان في منامه كشوفات غيبية.
ولقد أحسن الشيخ نجم الدين بن إسرائيل في قوله:
وإذا غدت للمؤمن يقظاته … حجب فموطن كشفه الأحلام
ومما يشبه ذلك المرض المغيب للذهن الذي يعرض فيه الاستغراق «كالبرسام» ونحوه حال الموت وغيره، فإن الكشوفات تحصل فيه كثيرا، وهو مشهور، والمنام من أفضل أحوال الغيب، إذ كان جزءا من النبوة، وقد أوحي إلى الأنبياء في المنام كثيرا.
العاشر: الرجال السالكون إلى الله-عز وجل-إذا تمكنوا حصل لهم سكر، وصحو،