﴿إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ﴾ (٩٥) [الأنعام: ٩٥] عام أريد به الخاص، وهو الحب والنوى الذي انفلق عن الشجر والزرع، أما غيره فذلك يتلف في الأرض، فلا يفلق عن شيء.
﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ (٩٧) [الأنعام: ٩٧] عام أريد به الخاص، وهي النجوم التي لها هداية، كالقطب والجدي والفرقدين، ونحوها دون ما لا هداية له كالسيارة، فإنها مشرقة ومغربة ومتوسطة، فلا دلالة لها على جهة بعينها.
﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ اُنْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (٩٩) [الأنعام: ٩٩] هو عام مطرد في أن كل نبات، فإنما هو خارج بماء السماء، إذ ليس المراد بماء السماء المطر وحده، بل كل ما في الأرض من بحر ونهر وعين، وغير ذلك، فأصله من السماء بدليل: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ﴾ (٢١) [الزمر: ٢١]، ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ﴾ (١٨) [المؤمنون: ١٨].
﴿بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ (١١٧) [البقرة: ١١٧] تضمنت خمس جمل كلها عام مطرد.
قوله-عز وجل-: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (١٠٣) [الأنعام: ١٠٣] احتج بها [فريقان: أحدهما: ] المعتزلة على نفي الرؤية؛ لأنه -عز وجل-تمدح بأنه يدرك الأبصار [وهو اللطيف] ولا تدركه، ولو جازت رؤيته، لما كان فيه تمدح. وجوابه من وجوه:
أحدها: أنه إنما تمدح بأن الأبصار لا تدركه لا بأنها لا يجوز أن تدركه.
الثاني: أن الإدراك ينبني على الإحاطة، ونحن لا ندعيها، وإنما ندعي الرؤية وإحداهما