وحتى يؤوب القارصان كلاهما وينشر في القتلى كليب لوائل ونحو ذلك.
﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٤٣) [الأعراف: ٤٣] يعني كان في الدنيا، وقد يستبعد ذلك وليس ببعيد، أما إن نسب إلى القدرة الإلهية فظاهر، وأما إن نسب إلى الواقع، فكثيرا ما طابت/ [٨٨ أ/م] النفوس عن خبث، واصطلح الناس عن غضب، وتنازلوا عن غل وإحن.
وقد حكي في كتاب عجائب المخلوقات أن في البحر سمكة إذا أكلها المتضاغنان زال ما في نفوسهما وعادا أصدقاء.
وبالجملة فهذا أمر ممكن، وكل ممكن مقدور، وكل مقدور أخبر الصادق بوقوعه فهو واقع لا محالة.
﴿وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (٤٣) [الأعراف: ٤٣] لعلهم يقولون هذا لما يرون من صعوبة الطريق ووعورة المسلك، فيعلمون أنهم عاجزون عن قطعه لولا إعانة الله-عز وجل-لهم فيحمدونه على نعمه، ويعترفون بالحمد والحق لأهله.
ويحتج به الجمهور على أن الهدى من الله، ويطردون حكمه في مقابله وهو الضلال بقضائه وقدره.
﴿لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ﴾ [الأعراف: ٤٣] عرفوا ذلك عيانا بعد أن كانوا يعرفونه في دار التكليف نظرا وبرهانا وتلك المعرفة أتم.
﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣] يعني أن الجنة كانت للكفار، بتقدير أن لو آمنوا والنار للمؤمنين أن لو كفروا، فإذا دخل المؤمنون الجنة؛ فكأنهم ورثوا ما كان للكفار لو آمنوا، وذلك هو التغابن يغبن أهل الجنة أهل النار بفوزهم وهلاك أولئك.