﴿الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ (٥٤) [الأعراف: ٥٤] هذه وذكرها في القرآن تعرف بمسألة الاستواء، وهي: أن الله-عز وجل-هل يقال إنه بذاته استوى على عرشه فوق السماوات، أم لا؟ أثبته الحنابلة والمحدثون، ونفاه المعتزلة والأشعريون ومن تابعهم، وبعضهم يسميها مسألة الجهة، وبعضهم مسألة العلو.
احتج المثبتون بوجوه: أحدها: هذه الآيات؛ إذ [٨٨ ب/م] [تقتضي استواءه) على العرش، هو السر الإلهي بذاته.
الثاني: أن الله-عز وجل-والعالم حقيقتان موجودتان، وكل موجودين فإما أن يكون أحدهما ساريا في الآخر، أو مماسا له، أو بائنا عنه، والأولان محال على الله-عز وجل-فتعين الثالث، وهو أنه مباين للعالم، وقد ورد الشرع بما يصلح أن يكون جهة مباينة له، وهي جهة العلو؛ فتعينت بتعيين الشرع، ولأنها أشرف.
الثالث: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم عرج به إلى ربه، وأنه-عليه الصلاة والسّلام-عرج به إلى جهة فوق ينتج من الشكل.
الثالث: أن رب محمد في جهة فوق، ويتعين أنه مستو على العرش بالنص.
الرابع: قوله-عز وجل-: ﴿مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ (١٠) [فاطر: ١٠] مع قوله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم» (١)، فبين أن صعود الأعمال إليه إلى جهة فوق، وذلك يقتضي أنه فوق.
الخامس: قوله-عز وجل-: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ﴾ (١٦) [الملك: ١٦] ﴿أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾ (١٧) [الملك: ١٧] مع قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أيما امرأة باتت هاجرة لفراش زوجها كان الذي في السماء ساخطا عليها» (٢) رواه مسلم. نظم الدليل منه: أن الله-عز وجل-هو