محال، فالرؤية إنما علقت على محال [والمعلق على المحال محال] فالرؤية محال.
واعلم أن الجمهور لاحظوا إمكان استقرار الجبل لذاته حال التجلي، ولا شك في إمكان ذلك بهذا الاعتبار.
والمعتزلة لاحظوا استحالة استقراره حال اضطرابه بحسب ما عرض له من هيبة التجلي، واعتبار الشيء لذاته أولى من اعتباره بعارض له، فتلخص أن الدست هاهنا للجمهور.
﴿فَلَمّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٣] قالت المعتزلة معناه: تبت إليك [مطلقا أو] من سؤال الرؤية [في الدنيا] وأنا أول المؤمنين [بأنك لا ترى، وليس نصا فيما قالوه لاحتمال أن المعنى: تبت إليك مطلقا أو من سؤال الرؤية في الدنيا وأنا أول المؤمنين] بعظمتك حتى لا يثبت لتجليك الجبال.
﴿قالَ يا مُوسى إِنِّي اِصْطَفَيْتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ﴾ (١٤٤) [الأعراف: ١٤٤] عام أريد به الخاص أي على ناس عصره؛ إذ لم يكن فيه نبي/ [١٩٥/ل] غيره، أما الأنبياء والرسل قبله وبعده فكثير، وأما الكلام فخص به كفاحا على من عداه، إلا من خصه الدليل كنبينا صلّى الله عليه وسلّم ليلة المعراج.
﴿وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (١٥٣) [الأعراف: ١٥٣] ظاهرها وجوب قبول التوبة من التائب، لكن وجوبه [من الله-عز وجل-] عند الجمهور وعليه عند المعتزلة كما سبق.
﴿وَاِخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنّا إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَاِرْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ﴾ (١٥٥) [الأعراف: ١٥٥] يحتج به الجمهور على ما عرف من مذهبهم في الضلال والهدى، وهو وأشباهه قاطع لأحبلة المعتزلة.
ويقال: إن الله-عز وجل-أخبر موسى بافتتان قومه من بعده بالعجل وهو يكلمه على الطور فقال موسى: يا رب، هذا السامري صنع صورة العجل فمن نفخ فيه الروح حتى خار؟ قال: أنا يا موسى، قال: فما أرى أضل قومي إلا أنت! فقال: أحسنت يا حكيم الحكماء. وهذا نص في المدعي، وفيه أن الإيمان بالقدر وتفويض الأمر إلى الله-عز


الصفحة التالية
Icon