فصرفه الله-عز وجل-عن الصلاة إلى الأكل لامتنعت منه الصلاة حينئذ، ووجب الأكل، والممتنع لا يوجد سواء امتنع لذاته أو لغيره.
﴿وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [الأنفال: ٢٤] فيه إثبات المعاد.
﴿وَاِتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاِعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ﴾ (٢٥) [الأنفال: ٢٥] يحتمل أن المراد: اتقوا معصية لا يختص عقابها بمباشريها، بل يتعدى إلى من ترك إنكارها، فيكون فيها حجة على وجوب إنكار المنكر، وأن تارك الإنكار مع القدرة في حكم فاعل المنكر في لحوق الوعيد، كما أن الردء كالمباشر في قطاع الطريق، وسامع الغيبة أحد المغتابين، وراوي الكذب عالما به أحد الكذابين، ونحو ذلك.
ويدل على هذا التأويل ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «إذا ظهر فيكم المنكر فلم تنكروه أوشك أن يعمكم الله بعقاب من عنده» (١).
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (٢٩) [الأنفال: ٢٩] أي: هداية تفرقون بها بين الحق والباطل، وهذه أدل على هذا المطلوب من قوله-عز وجل: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاِسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَاِمْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاّ تَرْتابُوا إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاّ تَكْتُبُوها﴾


الصفحة التالية
Icon