﴿عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (٢٨) / [٩٩ أ/م] [التوبة: ٢٨] فيه أن شعائر الله-عز وجل-يجب تعظيمها، ولا يتسامح فيها بجعل يؤخذ من الكفار، وقد جرت عادة اليهود ببيت المقدس أن يدخلوا المسجد فيصلون إلى قبة/ [٢١٢ ل] الصخرة آمنين يرفعون أصواتهم بكتابهم يجعل يبذلونه لولي الأمر، وهذه الآية نص أو كالنص في منع ذلك.
﴿وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ اِبْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ اِبْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قاتَلَهُمُ اللهُ أَنّى يُؤْفَكُونَ﴾ (٣٠) [التوبة: ٣٠]، اليهود فهاهنا طائفة مخصوصة منهم يقال لهم: العنابة فيما أقول، وليس ذلك قولا لجميعهم، وإنما زعموا ذلك في عزير؛ لأن بخت نصر لما أحرق التوراة أملاها عزير من حفظه، فقالوا: ما حفظها إلا وهو ابن الله، تعالى الله عن قولهم.
ويحكى عن ابن كمونة شارح التلويحات السهروردية أنه مر على قارئ يقرأ ﴿وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ اِبْنُ اللهِ﴾ [التوبة: ٣٠] فقال والله، ما قالت اليهود هذا، فتبعه من سمعه من المسلمين ليقتلوه، فأعجزهم وتحصن منهم.
وهذا جهل منه من وجهين:
أحدهما: حمل اللام في اليهود على الاستغراق، وإنما هي للعهد كما قلنا.
الثاني: جهله بمقالات أهل دينه وفرقهم، ولو عرف أن ذلك مقالة طائفة من اليهود لما أنكر.
وأما النصارى فقد سبق القول معهم غير مرة ﴿اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ اِبْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلاّ هُوَ سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ (٣١) [التوبة: ٣١] أما المسيح فاتخذوه ربا معبودا بالحقيقة، وأما الأحبار لليهود والرهبان للنصارى؛ فإنما اتخذوهم أربابا مجازا، لأنهم أمروهم بتكذيب محمد صلّى الله عليه وسلّم وإنكار رسالته، فأطاعوهم، وغير ذلك مما أطاعوهم فيه، فصاروا كالأرباب لهم بجامع الطاعة.
والنصارى يزعمون أن المسيح قال لتلاميذه عند صعوده عنهم ما حللتموه فهو محلول في السماء، وما ربطتموه فهو مربوط في السماء فمن ثم إذا أذنب أحدهم ذنبا جاء