الله-عز وجل-: يتضمن نفى قبول توبته، وأيضا قوله-عز وجل- ﴿فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ﴾ [الذاريات: ٤٠] يعني فرعون أتى بما يلام عليه وهذا ذم له، ولو مات مسلما لما أثنى عليه بالذم/ [٢٢٦/ل]، وكذلك ﴿فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ﴾ (٨) [القصص: ٨]، ﴿النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ﴾ (٤٦) [غافر: ٤٦] وحكمه وحكم آله واحد؛ إذ قد حكم على الجميع بأنهم كانوا خاطئين، وأما الإجماع فمشهور على ذلك وعلى جواز لعنة فرعون، [وإنما أظهر هذه المقالة الشيخ محيي الدين بن العربي الأندلسي الحاتمي صاحب فصوص الحكم]، والإجماع قبله على خلافه، وإن ادعى ذلك كشفا، فالكشف لا يرفع حكم الإجماع الظاهر، كما أن القدر الباطن لا يرفع حكم الكسب الظاهر.
﴿فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النّاسِ عَنْ آياتِنا لَغافِلُونَ﴾ (٩٢) [يونس: ٩٢] أي لمن بعدك وسمى البعد خلفا، لأن الناس متوجهون إلى الآخرة، فمن بعدهم متوجه إليها خلفهم، أو لأن من بعده خلفه في ملكه، أو لأن جهة خلف خلاف قدام، [وهذا يقتضي تسمية قدام خلفا، إذ كل منهما خلاف صاحبه، وليس ببعيد، كما يسمى قدام] وراء في نحو ذلك: ﴿أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً﴾ (٧٩) [الكهف: ٧٩] أي: أمامهم؛ لأن فيهما معنى المواراة وكذا فيهما معنى المخالفة.