علي لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إن عليا مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي» وفي رواية «ولي كل مؤمن».
لأن الإمام خليفة النبي-عليه السّلام-والنبي شاهد على الأمة فكذا خليفته، فدل ذلك على أن عليا هو الإمام بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وأجابت السّنّة عن هذا: بأن المراد بقوله-عز وجل-: ﴿أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (١٧) [٢٣١ ل] [هود: ١٧] هو القرآن من الله-عز وجل- شاهد للنبي صلّى الله عليه وسلّم بالصدق، لأنه معجزه الأكبر، يدل عليه قوله: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى﴾ [هود: ١٧] أي: ومن قبل الشاهد كتاب موسى، فدل على أن الشاهد وكتاب موسى من جنس واحد، وعليّ ليس من جنس كتاب موسى، فلا يكون مرادا من الآية.
وهذا بحث جيد من الطرفين، ومن جهة الجمهور أجود، ومأخذ الخلاف أن الضمير في «منه» يحتمل رجوعه إلى من كان والى ربه، فحمله الشيعة على الأول، والجمهور على الثاني، وهو أقرب المذكورين.
ويحتمل أن المراد بقوله: ﴿أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ﴾ [هود: ١٧] أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم بدليل قوله-عز وجل-: ﴿أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ [هود: ١٧] فدل على أن المراد بمن كان جمع لا مفرد، وحينئذ يسقط الاستدلال به بالكلية.
و﴿أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ﴾ (٢٠) [هود:
٢٠] يحتج به الجبرية على أنهم لجبرهم على الكفر لم يستطيعوا الإيمان، وتأوله المعتزلة على أنهم لشدة كراهتهم للإيمان ما كانوا يستطيعون سماع دلائله، كما يقال: فلان ما يستطيع أن يسمع بذكر فلان ونحوه.
﴿وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ﴾ (٣١) [هود: ٣١] يحتج به من يرى أن الملائكة أفضل من الأنبياء، وقد سبق ذلك.


الصفحة التالية
Icon